فلاش

ما هي “المناطق الآمنة” .. و” المناطق العازلة ” ؟

تحمل الحروب والأزمات والنزاعات المسلحة مجموعة من المصطلحات إلى الشارع لا تستخدم دائماً بمعناها القانوني الصحيح، منها “المناطق الآمنة” و”المناطق العازلة”.

ومصطلحا “المناطق الآمنة” و” المناطق منزوعة السلاح” غالباً ما يتم طرحهما عند غياب أي أفق لحلحلة الصراعات الدائرة، أو عند عدم التوصل إلى تسوية شاملة بشأنها.

وعلى الرغم من شيوع مفهوم “المناطق الآمنة”، “Safe Zones” أو “Safe Areas”، إلا أنه يُعد مفهوماً غير رسمياً، على صعيد القانون الدولي، حيث لم يأت ذكره في اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، كما لم يرد ذكره في البروتوكولات الملحقة بها لعام 1977.

وتضمنت تلك الاتفاقيات والبروتوكولات مصطلحات أخرى، تُعد الأقرب دلالياً لمفهوم المناطق الآمنة، أهمها: المناطق الطبية، والمناطق المحايدة، والمناطق منزوعة السلاح.

وتُشير هذه المصطلحات إلى “جهود تضطلع بها المنظمات الأممية المعنية بحفظ السلم والأمن الدوليين، لإنشاء وتسمية مناطق محددة، تكون خارج نطاق الاستهداف العسكري والأعمال القتالية لاعتبارات إنسانية تتعلق بحماية المدنيين ممن لا يستطيعون حماية أنفسهم أثناء الحروب والصراعات المسلحة”.

وإجرائياً، ثمة تقارب بين مفهومي المناطق الآمنة والمناطق العازلة، من حيث حاجتهما إلى قرار أممي يصدر عن مجلس الأمن.

ومصطلح “المنطقة العازلة” يعني “منطقة محددة تفصل بين طرفي نزاع، تسيطر عليها قوة دولية، هدفها منع استخدام الأسلحة بين الطرفين المتنازعين، من خلال خلق مساحة للفصل بينهما، غالباً ما تكون برية، كما يمكن أن تقترن أيضًا بفرض حظر جوي”.

في حين أن “المنطقة الآمنة” لا تهدف إلى الفصل بين أطراف النزاع، لكنها تهدف إلى توفير ملاذ آمن للمدنيين الفارين من الحرب، وتقديم العون والحماية اللازميين لهم إنسانياً أثناء فترة الصراع.

وبحسب العرف الدولي، فإن هناك إجراءات محددة لازمة لإقامة المناطق الآمنة، بعد صدور قرار بشأنها من قبل مجلس الأمن، أبرزها الاتفاق بين الأطراف المتنازعة على إقامتها، وإزالة الصفة العسكرية عنها بنزع سلاحها وإخراجها من سياق العمليات العسكرية.

ويجب إخضاعها لإدارة مدنية، والتأكيد على عدم دخول أطراف الصراع في أي ترتيبات دفاعية تتعلق بحفظ الأمن داخلها أو على حدودها المسماة، وتوفير حماية عسكرية لها من قبل قوات الأمم المتحدة أو قوات تحالف دولي مكلف من قبلها.

وفرض حظر جوي لحمايتها، وتوفير ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين، والمكفولة من قبل الأمم المتحدة، والتي تضطلع أيضًا برسم خريطة لنطاق وحدود المناطق الآمنة.

تاريخياً، أثبتت التجارب أن “المناطق الآمنة” نادراً ما تكون آمنة، ونجاح تطبيق آلية المناطق الآمنة، يبقى مرهوناً بعدد من الأمور، أهمها وجود رغبة حقيقية لدى القوى الدولية والإقليمية الرئيسية ذات التأثير المباشر في صراعات المنطقة.

وإلى جانب تلك الرغبة لا بد من وجود توافق دولي وإقليمي حقيقي بشأن الإجراءات اللازمة لحماية اللاجئين والمدنيين الفارين من ويلات الصراعات المسلحة.

وتبقى المعضلة الأخيرة في مدى قدرة الأطراف الدولية والإقليمية على ضبط إيقاع التنظيمات المسلحة المتورطة في تلك الصراعات، وإلزامها باحترام الترتيبات الإنسانية والأمنية المتخذة بهذا الشأن.

ومن أبرز الدول التي شهدت مناطق آمنة خلال حقبة التسعينيات من القرن الماضي العراق، حيث قامت قوات “التحالف الدولي”، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، بإنشاء منطقة آمنة شمال العراق، لتكون ملاذاً لنحو 400 ألف كردي تمت إعادتهم من الحدود التركية بعد فرارهم عقب أحداث الأكراد عام 1991.

كما ظهر هذا المصطلح منذ بواكير الأزمة السورية على لسان مسؤولين أتراك، وأعلنت أمريكا تأييدها للفكرة في مناسبات عديدة دون أي خطوة عملية، نظراً لأن إقامة هذه المناطق يحتاج قراراً من مجلس الأمن واحتمال حصول فيتو روسي أو صيني بسبب عدم موافقة الدولة السورية على إقامة تلك المناطق في أراضيها.

وتعارض سوريا الفكرة انطلاقاً من أن الدول الأجنبية تسعى لإقامة هذه المناطق لتحويلها الى ملاذات للمسلحين، ما يطيل أمد الحرب ويبعد الحل، إضافة الى استخدامها ذريعة لتدخل عسكري مباشر من قبل الدول التي تدعم المسلحين بحجة “حماية المدنيين”، كما حدث في ليبيا.

وأحياناً تفرض دولة ما أو دولاً منطقة عازلة بالقوة من طرف واحد أو من عدة أطراف، سواء عبر شريط حدودي كما تفعل “اسرائيل” بعمق عشرة كيلومترات داخل الأراضي اللبنانية، وفي المناطق العازلة تستخدم أحيانا قوات دولية أو قوات لحفظ السلام، لكي تحول دون حدوث اصطدامات مجدداً.

ويندرج قرار إقامة “المناطق الآمنة” ضمن الفصل السابع الخاص بالعقوبات، إذا ما صدر عن مجلس الأمن، وسيكون بهذا المعنى ملزماً لأن يعطي الحق باستخدام جميع الوسائل لفرض احترام قواعد القانون الدولي، بما فيها القوة المسلحة.

وراج موضوع “المناطق الآمنة” تحت عنوان “التدخل الإنساني” أو التدخل “لأغراض إنسانية” بهدف حماية المدنيين، وعلى أساس هذه الفكرة تدخلت الأمم المتحدة في عدد من البلدان تحت يافطة “حماية حقوق الإنسان” أو باسم “حماية الأقليات” والمقصود المجموعات الثقافية، الإثنية أو الدينية.

تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى