محليات

حكايات شتوية ملونة.. حياكة الصوف هواية وإبداع ودفء

بضعة خيوط من الصوف الملون، سنارة خاصة أو سنارتان، وفي بعض الأحيان آلة غزل يدوية، هي كل الحكاية.

تتحرك الأيدي بمهارة وإتقان، ترفدها المخيلة لترسم تفاصيل جميلة تشي بكم الحب المصنوعة منه تلك الملابس.

ومع قدوم الشتاء تبدأ الامهات والسيدات المهتمات بالتحضير لعملية الغزل، بتلقي الطلبات لصنع القبعات والشالات وكنزات الصوف المميزة لافراد العائلة.

وحولتها بعض النساء إلى وسيلة لكسب الرزق، وإضافة مصدر للدخل الى أسرهن تعتمد على المهارة والإبداع.

تقول “أم علي” وهي سيدة خمسينية وربة منزل، “كنت أصنع الملابس الصوفية لأولادي عندما كانوا صغاراً، وكان الناس يعجبون بما أصنع وشجعني الكثيرون على امتهان العمل وبيع المنتجات غير أنني لم أكن أملك الوقت الكافي”.

تتابع أم علي “بقيت هذه الهواية لدي بعد أن كبر الأولاد وأصبحت أحيك لأحفادي، ثم بدأت الحياكة كمهنة منذ بضع سنوات، ووجدت فيها مربحاً ودخلاً جيداً نظراً للإقبال الكبير على هذه المنتوجات”.

“ومع أنه ليس بالعمل السهل، تضيف أم علي، “إلا أنني أكون سعيدة جداً وأنا أختار الألوان والرسومات وأستخدم مخيلتي لأطابق الألوان وأخيط قطعاً مميزة و حسب الطلب”.

ومع تراجع الأوضاع الاقتصادية لكثير من الأسر السورية خلال سنوات الأزمة، تجد أم علي حياكة الصوف وسيلة جيدة لزيادة دخل عائلتها، وهي لا تحتاج معدات أو رأس مال كبير، “بمبلغ قليل أشتري الصوف وهو متوفر بأنواع مختلفة، والممتع أنني أستطيع العمل في المنزل وفي جميع الأوقات”.

وتضيف “كانت العروس على أيامنا تحيك معظم جهازها بيدها، وكنا نصنع بالإضافة للملابس مفارش للطاولات وأغطية بأشكال جميلة، أتمنى ألا تضيع هذه الهواية وأشجع الفتيات والنساء على تعلمها فهي تعلم الصبر والإبداع”.

وتمارس “هبة “،وهي خريجة جامعية، حياكة الصوف والكروشيه كهواية، وتقول “أحب الأعمال اليدوية وخاصة حياكة الصوف، واستخدم سنارة واحدة”.

وتضيف هبة “يساعدني الانترنت في انتقاء تصاميم مميزة وجميلة وحتى في تسويق المنتجات ، وأحياناً استخدم مخيلتي في النسج، وأصنع بالإضافة للملابس ألعاباً للأطفال بأشكال مميزة غير موجودة في الأسواق”.

وتعود حياكة الصوف إلى الحقبة الفينيقية قبل ثلاثة آلاف سنة ق.م فكانت الأقمشة الفينيقة تقدم على سواها ليس فقط لحسن نسجها وإتقان حياكتها ولكن أيضا لصبغها بالأرجوان.

وتطورت هذه الصناعة واستخدمت النول للحياكة، ويقال أن الأمير اللبناني “بشير الشهابي” كان يستقدم عائلات من سوريا لاسيما من حلب وحمص لتعزيز ودعم هذه الصناعة في لبنان، وساهم ذلك في انتشارها في لبنان ومصر وعدة دول مجاورة.

و خلال عقود خلت، لم تشهد حياكة الصوف تطوراً كبيراً، فلازالت السنارة العادية هي الأداة الأساسية في العمل.

ورغم وجود بعض الآلات المتطورة والتي توفر الوقت والجهد مثل آلات التريكو، إلا أن القطع المشغولة يدوياً يبقى لها سحرها الخاص، والذي يستمر لسنوات طويلة فهذه المشغولات تتوارثها الأجيال، ويفتخر بها صانعوها كونها تحمل “جزءاً من أرواحهم”.

تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى