موجوعين

عائلة مهجرة وست سنوات من وعود المنظمات والجمعيات الخيرية في حمص

تكاثرت الجمعيات ” الخيرية ” في سوريا كالبارامسيوم خلال سني الحرب السورية، متخفية تحت عناوين ومسميات مختلفة لتصب جميعها في عمل الخير ” بلا مؤاخذة ” ، حتى أن معظم القائمين عليها أثروا لعدة أجيال قادمة وكل ذلك من عمل الخير و على حساب الشعب المعتر.

ست سنوات من التهجير لم تشفع ل( باسمة ، ح ) في ردهات الجمعيات الخيرية .. ست سنوات وهي تبحث عن حبة الأرز لتطعم صغارها، في حين أن العاملين بالشأن الانساني تكرشوا من شقاء باسمة وأطفالها.

(باسمة ،ح) أم زين امرأة نكلّت الحرب بعيون أطفالها فأحجمها العوز عن متابعة علاجهم ، فترى بعيونهم تارة ، وتارة يتنفس زوجها المريض من رئتيها الباردتين ليبق قيد النفس.

أم زين كانت ذات يوم لا تحسد أياً من خلق الله على ملكه، فتزرع وتحصد وتعيل أسرتها في قريتهم خنيفس بريف السلمية إلا أنها كسائر آلاف الأسر السورية، أجبرتهم اللحى المتعفنة على تذوق مرارة الحرب عنوة، فطوتها آلام الحاجة كما طوى لهيب القذائف أعمدة منزلها الذي أصبح أثراً بعد عين، تاركاً الأسرة شريدة في أصقاع الوطن الرحب.

انتقلت (باسمة ،ح ) مع عائلتها من خنيفس إلى قرية مسكنة بريف حمص الجنوبي عام 2012 وسكنوا في منزل لأحد معارفهم ، حاملين معهم ثيابهم وثمن ” بقرتين ” كتب لهما الحياة رغم القذائف والرصاص اليومي على قرية خنيفس ،فباعتهما و كان ثمنهما كل ما ملكت الأسرة كما تقول باسمة.

وشرحت باسمة قصتها لتلفزيون الخبر : “صرفنا مدخراتنا من المال لعجز زوجي عن القيام بأي عمل كونه ستيني ومريض رئة “، وبقيت الأسرة تنتظر أن تتوقف الحرب ويعودوا الى أرضهم ويجنوا محصولها من جديد إلا أن الحرب طالت وأصبحت العائلة على شفا التشرد مجدداً.

تقول أم زين لتلفزيون الخبر ” لم نراجع الهلال الأحمر والجمعيات في بداية الأمر للحصول على معونة لقناعتنا بأن هناك من هو أكثر فقراً، ولكن مع انقضاء السنة الأولى من التهجير وانعدام وسائل العيش لجأت إلى الهلال الأحمر للحصول على مساعدة”.

وتضيف “بقيت على هذه الحال سنوات طويلة دون فائدة ودون أن يرأفوا بحالنا ، حتى أنني في إحدى المرات شعرت بأنهم يسخرون مني عندما حاولت اطلاعهم على وضعي ووضع أولادي الصحي فقال احدهم: “خلص خلص مصدقينك .

وتتابع باسمة : عندما فقدت الأمل من الهلال الأحمر وفي عام 2017 سمعت بأن فرع جمعية “المودة الخيرية” في مسكنة يؤمن مشاريع للأسر المهجرة والفقيرة فذهبت إلى مقرهم في مسكنة .

وأكملت باسمه حديثها” تقدمت بطلب للحصول على مشروع مواشي ( أبقار وأغنام ) وأرفقت كل ما يحتاجونه من أوراق في الاضبارة التي تقدمت بها وانتظرت حوالي 3 أشهر لتخبرني مسؤولة الجمعية ( رولا ، ش ، ع ) بأن المشروع توقف”.

وأوضحت المواطنة (باسمة ،ح ) في شكواها إلى تلفزيون الخبر، أن كثيرين من أبناء مسكنة حصلوا على مشروع المواشي الذي حرمت منه لأسباب لا يعرفها أحد إلا مشرفة الجمعية.

وبينت أن من بين الأشخاص الحاصلين على تمويل لمشروع المواشي ليس بحاجة حقيقية لهذا المشروع ولكن مزاجية مشرفة الجمعية ( رولا ، ش ، ع ) تتحكم بأقدار الناس ومصيرهم.

وراجعت (باسمة ،ح) فرع جمعية “المودة الخيرية ” مراراً وتكراراً وعلى مدار عامين للحصول على فرصة لإنجاز مشروع صغير يعود على عائلتها بمردود يقيهم شر التشرد واستدانة الأموال من الناس، فقالت لها مشرفة الجمعية لدينا “مشروع مطحنة بن”.

وتابعت “دخلت مع حوالي 10 نساء من القرية لمقابلة المديرة رولا إلا أنها قابلتني بازدراء وقالت : ” ليش زوجك ماعم يشتغل “وأوضحت لها بأن زوجي كبير في السن ومريض وأولادي أيضاً لديهم مرض مزمن ويحتاج إلى علاج ومال، فقالت: انتظري اتصال من الجمعية للحصول على مشروع مطحنة البن.

وقالت باسمة “انتظرت الاتصال ولم يأت ، وتفاجأت بأن النساء اللاتي دخلن معي تم قبول طلباتهن جميعا إلا أنا فقد رفضت مديرة الجمعية طلبي رغم علمها بحالتي .

وتابعت: عدت مجدداً لاستيضاح الأمر من الجمعية ليأتي الرد من المديرة : راجعي مكتب “DRC – المجلس الدنماركي ” في حي كرم الشامي وسيقدمون لك مساعدات أسرية لإعانة عائلتك.

وأضافت” استدنت 6000 ليرة سورية كأجرة تكسي من مسكنة الى حي كرم الشامي في حمص وانتظرت من الساعة 9 صباحاً وحتى الساعة 11 ودخلت بعدها لمقابلة أحد المسؤولين في المكتب ويدعى (طارق ، ع ).

حاولت أن أشرح مشكلتي للشاب ( طارق ، ع ) فقال : يا أختي من الذي أرسلك إلينا ؟ إن هذا المكان لتعليم مهن الحدادة والنجارة ، ومن أرسلك إلى مكتبنا يتهرب من تقديم المساعدة لك .

وأردفت “عدت إلى الجمعية في مسكنة وحاولت الدخول إلى مكتب المديرة فتم منعي بحجة وجود اجتماع وانتظرت طويلاً ولم ينته الاجتماع ، ولم يكن أمامي سوى الذهاب إلى المنزل محملة بكل هذا الاستهزاء والقرف الذي تعاملت به.”

أم زين التي فقدت من عائلتها وعائلة زوجها 17 شهيداً في خنيفس ومثلها الآلاف ممن خذلتهم الجمعيات الخيرية وتلذذت بإذلالهم في ظل غفوة طويلة لمديرية الشؤون الاجتماعية بحمص .

تصر أم زين العابدين على أن تتعامل كسوريّة وأن يترفع القائمون على هذه الجمعيات عن الاحقاد الغير مبررة و التي لا يلجمها سوى الشعور بانسانية الانسان.

يذكر أن العائلة المنكوبة زارت محافظ حمص وطلبت المساعدة في وقت سابق ، فوجه المحافظ بدوره مديرية صحة حمص لعلاج الأطفال الأربعة ولكن العائلة لم تستطيع توفير أجور النقل من مسكنة الى كرم الشامي ثلاث مرات اسبوعياً .

فانتظروا أن يغير الله أمراً كان مفعولاً ، ويعالجوا أطفالهم بعد أن يعودوا إلى بيوتهم المهدمة ذات يوم، متخمين بما تبق من كرامتهم التي أراقوها على باب ” الجمعية الخيرية “.

محمد علي الضاهر _ تلفزيون الخبر _ حمص

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى