موجوعين

شاهين السايس .. طفل بتسعة أعوام من المرض

أبكاه رقاده في الفراش، حين كان رفاقه يحتفلون بعيد المعلم، لم يدرك الشاهين الطفل أن مرضه يحتاج للعناية الإلهية والكثير الكثير من الأموال ليشفى، حيث تلهيه أمه بقليل من الصبر، وهي التي تعبت من مراجعة الجمعيات واستعطاف جبروت إنسانيتهم.

يمد الشاهين يده المضمومة النحيلة إلى خده، وعيناه تحدقان في جهاز التلفاز حيث يراقب بصمت أطفالاً يركضون، فيفرح قلبه المريض راغباً أن يأتي اليوم الذي يتمكن فيه من اللهو مثلهم، يحمل من اسمه جناحين كبيرين وقلب قوي، ولكن في الواقع اسمه لا ينطبق على وضعه الصحي فقلبه عليل وجناحه مكسور.

شاهين السايس ابن التسع سنوات من المرض والعذاب، جاء الى الدنيا حاملاً معه التعب والسقام المزمن، أنجز الأطباء في جسده الكثير من الاختبارات والاعمال الجراحية ، فاعتادها كدرس العلوم او الرياضيات وماعادت غريبة .. فيرتاح حين يغيب عن الوعي من وجعه ووجع اسرته.

زاره تلفزيون الخبر في منزل ذويه في حي عكرمة الحمصي، فكان أول ماقاله أنه “حزين لانه لايستطيع المشاركة في الاحتفال مع أترابه و معلمته في عيدها فهو مريض وعليه السفر مع والدته إلى دمشق”.

والده، الشرطي صقر السايس، قال لتلفزيون الخبر إن “ابنه يعاني من مرض القلب وتوصيفه طبياً “رتق رئوي بالاضافة إلى رتق مثلث شرف و ضمور بطين أيمن” وأجرينا له عمل جراحي حين كان بعمر 11 شهراً في مشفى أمية بدمشق بكلفة 400 ألف ليرة سورية، وتكفلت حينها احدى الجمعيات الخيرية بكلفة العلاج واستمرت مراجعتنا لعيادات الاطباء والمشافي منذ ذاك التاريخ”.

وتابع والد الطفل “وفي بداية العام الدراسي الحالي، وبعد خمسة أيام من افتتاح المدارس، أصيب بجلطة دماغية ناجمة عن نوبة عصبية، تسبب بها ارتفاع الخضاب وفرط اللزوجة بالدم، فتم إدخاله إلى مشفى الزعيم بحمص، وبقي قيد العناية المشددة لعدة أيام، وقرر الأطباء إجراء فصادة أسبوعياً حيث يتم سحب 250-300 غ من دمه أسبوعياً”.

وأكمل والد شاهين “قمنا بنقله إلى مشفى جراحة القلب في دمشق، وأجرى له الأطباء قثطرة قلبية بتاريخ 29/10/2017، وتقرر إجراء عمل جراحي بتاريخ 15/11/2017، وقبيل العمل الجراحي تم إجراء استشارة طبية، فتبين أن الشريان الرئوي متضيق وبسبب نقص التروية لايمكن إجراء عملية فونتان في سوريا حسب تقرير مدير مشفى الأطفال”.

وأردف والده “وفي بداية عام 2018 أصيب الطفل بنوبة عصبية، أدت إلى غيابه عن الوعي مجدداً، فاستدنا مبلغاً من المال، وسافرت به والدته إلى الجامعة الأمريكية في بيروت، وبعد عرضه على طبيب الأطفال اللبناني زياد بلبل، منع بشكل مطلق اجراء الفصادة للطفل نظراً لتعرضه لآلام عظمية نتيجة سحب الدم المتواصل”.

ليتم عرضه على طبيب عصبية في الجامعة الامريكية في بيروت، فتبين، حسب التقرير، وجود بؤرة في الجهة اليمينية من الدماغ نتيجة الجلطة الدماغية وهي السبب المباشر للنوبات العصبية.

وقالت والدة الطفل، أم غانم، لتلفزيون الخبر “تم تحويلنا إلى طبيب الجراحة عصام الراسي، الذي أجرى له فحوصات إضافية، واطلع على التقارير التي تم إجراؤها في دمشق وحمص ولبنان، فأوضح ان العملية الجراحية يمكن القيام بها في لبنان بنسبة نجاح 90% وتحتاج بعدها إلى عناية مشددة خاصة ولمدة 20 يوماً وبتكلفة 45 ألف دولار أمريكي”.

ولأن الأسرة لاتمتلك مالاً ولا منزلاً لتبيعه، اتجهت والدة الطفل إلى جمعية “بريف هارت” في لبنان وطلبت المساعدة، وبعد التواصل مع الدكتورة السورية ميا نزار الاسعد قدمت الدكتورة مبلغ عشرة آلاف دولار لمساعدة الطفل السوري لإجراء العمل الجراحي.

وعادت الأم برفقه صغيرها الى سوريا لتحاول جمع المبلغ الباقي، فراجعت معظم جمعيات حمص ولم تحصل على “نكلة”، فاتجهت الى كنيسة “نور العالم” في ساحة القصور بدمشق وكنيسة الرأي الصالح بباب توما و لم تتم مساعدتها أيضاً.

وطلبت الأم المساعدة على مدار أيام من جمعيات خيرية في دمشق، فتذرعت بعض الجمعيات بأنه لا طاقة لها بالمبلغ المطلوب، والبعض الآخر امتنع عن تقديم مساعدة لإجراء عمل جراحي خارج سوريا.

وأضافت والدة الطفل لتلفزيون الخبر “أثناء توزيع المساعدات الروسية على طلاب مدرسة حكمت نديم المبارك، طلبت من العميد هيثم علي أن يساعدني بالتحدث إليهم، و فعلاً استجاب لطلبي ونقل مأساتي إليهم وطلب الوفد الروسي زيارة الطفل في المنزل و الاطلاع على وضعه الصحي”.

وتابعت الأم “وبعد أن زاروه وعدونا أن يحاولوا مساعدتنا عن طريق جمعية احمد قاديروف، ولكن لحد الآن لم يحصل شيء ووضع الطفل يتدهور”.

وتطلب الأسرة عبر تلفزيون الخبر المساعدة من أية جهة حكومية أو أهلية لإنقاذ حياة الطفل، الذي يذوي يوماً إثر يوم، وهم يشهدون موته البطيء، ويرغبون أن يتم دفع التبرع لحساب المشفى وليس لهم.

يذكر أن الطفل شاهين السايس يعيش في منزل جدته مع أبيه وأمه وأخوته، والجميع عاطل عن العمل، باستثناء والده الذي يعمل شرطياً في محافظة حمص، ويتمنى الشاهين أن يكبر يوماً ويصبح طبيباً يشفي الناس، وهو لا يعلم أن ثمة موت يلاحقه على عجل ويفتك بجسده الصغير.

محمد علي الضاهر – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى