رياضة

ماذا بعد الكارثة يا آزوري ؟

أولاً، لنتفق أن عدم تأهل إيطاليا لنهائيات كأس العالم هو كارثة كروية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، كارثة على مستوى الطليان وعلى مستوى العالم الذي سيُحرم لأول مرة منذ 60 عاماً من بطله المتوَّج أربع مرات.

المنتخب الإيطالي الذي لم يستطع التسجيل على السويد في مباراتي الملحق الأوروبي، 90 دقيقة ذهاباً و90 دقيقة إياباً في السان سيرو معقل ناديَي ميلان والانتر، هذه لوحدها طامة كبرى.

اليكساندرو ديل بيير، فرانشيسكو توتي، كريستيان فييري، روبيرتو باجيو، باولو روسي، وأسماء كبيرة كثيرة أخرى أنجبتها الكرة الإيطالية على مستوى خط الهجوم، وهي التي تعرف بأنها عراب كرة القدم الدفاعية، ومع ذلك كنا نرى لاعبين أو ثلاث في كل جيل هم نجوم كبار هجومياً، أما اليوم فجوة كبرى جداً بين الأسماء السابقة والحالية.

وعدم تأهل الازوري لمونديال روسيا 2018 نسطيع رده لعدة أسباب، أهمها وأولها على الاطلاق هو المدرب فينتورا، الفقير تكتيكياً وصاحب الشخصية المهزوزة والفاقد للثقة بنفسه، وكل ذلك أثر بالطبع سلباً على هوية وشخصية بطل العالم أربع مرات.

بطل العالم الذي ظهر بلا حول ولا قوة أمام منتخب قوي كإسبانيا التي أهانته بثلاثية في آخر مباراة بينهما في التصفيات، والذي يلخص حال المنتخب معه ما فعله دي روسي حين طلب منه الإحماء للدخول للمباراة الأخيرة، حيث صورته الكاميرات وهو يقول “لماذا يجب أن أقوم بذلك؟ اعتقد اننا لا نريد التعادل، نحن نريد الفوز” مشيراً إلى زميله المهاجم إنسيني.

ويعد أحد أهم أسباب عدم تأهل إيطاليا هو ضعف الكرة الإيطالية عموماً، فالدوري الإيطالي حالياً، باستثناء نادي يوفنتوس، أنديته التي تتأهل للمسابقات الأوروبية سقفها ربع نهائي، إن استطاعت التأهل من مجموعاتها، وحتى يوفنتوس نفسه الذي يكاد يكون الفريق الإيطالي الوحيد الذي “يبيض وش الطليان” خارجيا، كم لاعباً إيطاليا تحت الثلاثين يضم في صفوفه ؟.

الأندية الايطالية لم تواكب التطورات الكبيرة التي حصلت في كرة القدم، وشهدت السنوات العشر الأخيرة تراجعاً مُخيفاً للطليان على مستوى الأندية وحتى على مستوى المنتخب، الذي و بدءاً من 2006 التي حقق فيها كأس العالم بجيل خرافي، بدأ بالتراجع التدريجي السريع، فخرج من نسختي كأس العالم التاليتين، 2010 و2014 بأداء سلبي وصورة لم يشهدها الآزوري من قبل.

أما على مستوى الأندية، فلك أن تتخيل أن نادي عظيم وأسطوري كميلان لم يتأهل لدوري الأبطال منذ أكثر من خمس سنوات، وعندما تأهل سابقاً كان يخرج من دوري المجموعات أو من دور 16، أما شريكه، نادي الانتر، وبعد تحقيقه مع مورينيو دوري الأبطال عام 2010، ودَّع هو الآخر الأداء الجميل والمنافسات الأوروبية.

وظهر على مستوى الأندية ناديَا روما ونابولي اللذان يقدمان أداءاً جميلاً وكرة قد نسطيع تصنيفها بخانة “الممتعة”، لأنه ومقارنة مع نوادٍ من خارج إيطاليا هناك فرق كبير في معنى المتعة، ولكن حتى الناديين أوروبيا “صفر”.

والنقطة الأهم التي يتم الحديث عنها في الصحافة الإيطالية ولدى المتابعين والمشجعين الطليان هي بالمواهب الايطالية التي تخرجها أندية الكالشيو، فهي، وصدق أو لا تصدق، شبه معدومة، فمنذ متى كان آخر لاعب إيطالي شد الأنظار إليه، كما ايسكو اسينسيو في اسبانيا وفيرنير وكيميتش في المانيا والي وكين في انكلترا وبوغبا ومبابي في فرنسا وغيرها من الدول، حتى غير الاوروبية ؟.

عدم تأهل الطليان هو نتيجة تراكمات بدأت منذ 2006، حيث واكبت كل المنتخبات الأوروبية التطورات وعملت على إحداث تغييرات في عقليتها على كل المستويات، لاعبين وإداريين وإدارات ومدربين وبنية تحتية وإعلام وغيرها، فيما بقي الطليان “مأخرين” حوالي العشرة أعوام، وهو ما أدى للوصول إلى كارثة كروية حالية.

ولابد من الحديث عن أن الأسماء الحالية في المنتخب الايطالي، إذا استثنينا اللاعبين القدامى الذي اعلنوا اعتزالهم فور الكارثة كبوفون ودي روسي وبارزالي، فبقية الأسماء كأداء لا ترقى أن تمثل منتخباً ايطالياً رديفاً للرديف، أين اللاعبون الحاليون من نجوم أسمائها فقط ترعب الخصوم، وفي كل الخطوط مالديني وباريزي وكانافارو وبيرلو وغاتوزو والكثير الكثير من النجوم.

ومقارنة المنتخب الايطالي منذ 2006 وحتى اليوم ببقية المنتخبات هي وحدها يجب أن تكون عنواناً للمسؤولين الطليان، كألمانيا حققت كأس عالم ووصلت لنصف النهائي مرتين ولنهائي يورو ونصف نهائيين في اليورو، واسبانيا حققت كأس عالم وكأسي يورو، وخرجت في آخر نسخة مع الطليان نفسهم الذين رجحت كفتهم بفضل قوة كونتي المدرب الذي تفوق على عقلية ديل بوسكي المتحجرة، وكانت تلك هي الصورة الوحيدة الجميلة للطليان في آخر عشر سنوات، مع أنهم الاسبان نفسهم من أهانوا الازوري في نهائي يورو 2012 برباعية.

وأتت عناوين الصحف الإيطالية معلقة على الكارثة، صحيفة “كوريري ديللو سبورت” على صفحتها الرئيسية قالت “الجميع خرج .. لأول مرة منذ 60 عاماً إيطاليا لا تذهب لكأس العالم .. الأزوري يبكي .. بوفون يطالب بالسماح .. فينتورا يرحل، ولكن هناك آخرين يجب أن يرحلوا معه”.

وعنونت صحيفة “توتو سبورت” على غلافها “الجميع يعود إلى منزله .. إيطاليا خارج كأس العالم .. لأول مرة يحدث ذلك منذ 60 عاماً .. لا أهداف سجلت في الملحق، السويد اكتفت بهدف الذهاب .. العار ليس فقط على فينتورا الذي لم يعد مدرباً، لكن على الكرة الإيطالية كلها”.

فيما وضعت صحيفة “غازيتا ديللو سبورت” صورة للحارس العظيم الذي أعلن اعتزاله جان لويجي بوفون، على غلافها مرفقة إياها بجملة واحدة هي “النهاية”، في إشارة لختام مسيرته الدولية بدون خوض كأس العالم.

يذكر أنه ومن بين الأسماء التي أعلنت اعتزالها اللعب دولياً هو الحارس الأسطوري جان لويجي بوفون، الذي وقف أمام الكاميرا غارقاً بدموع تكسر قلب كل من يحب الدائرية الغدارة، ويلعن استقالته من حماية العرين الايطالي بعد أكثر من 20 سنة خالدة في أذهان المحبين والعاشقين، ودموع بوفون يجب ان تكون نهاية حقبة بالنسبة للطليان وإعلان بداية جديدة حتى لا تتكرر هذه الكارثة الكروية مستقبلاً.

ولكن كلام المدرب الايطالي جيامبيرو فينتورا بعد المباراة لا يبدو أنه يشير لتغيير كبير في الذهنية الايطالية، فقال فينتورا “لم أتقدم باستقالتي من تدريب إيطاليا، لأنني لم أقابل رئيس الاتحاد الإيطالي، سنعقد اجتماعًا لمناقشة ما حدث”، رافضاً الحديث عن مستقبله مع إيطاليا وعقده الذي ينتهي في صيف 2020، قائلًا “أعتقد أن الوقت الحالي غير مناسب للحديث عن ذلك، سنناقش ذلك في الوقت المناسب مع اتحاد الكرة”.

علاء خطيب – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى