كاسة شاي

غسان كنفاني .. أديب القضية

“إننا لن نجد الشمس في غرفة مغلقة”، “إذا كنا مدافعين فاشلين عن القضية فالأجدى أن نغير المدافعين لا أن نغير القضية”، هي جمل أشبه بوصايا تركها “أديب القضية”، الروائي والأديب الفلسطيني غسان كنفاني.

ولد غسان كنفاني في 8 نيسان من عام 1936 في مدينة عكا بخلاف أشقائه المولودين في يافا في فلسطين المحتلة وأجبر على النزوح كغيره من الفلسطينيين عام 1948، وانتقلت أسرة كنفاني إلى مدينة صيدا في لبنان وحصل على جنسيتها وانضم مبكرا لحركة القوميين العرب رفقة الزعيم جورج حبش الأمين العام لجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي كان عضوا في مكتبها السياسي.

وعاش كنفاني جزءاً من حياته في سوريا بداية في مدينة حلب ثم في مدينة الزبداني في ريف دمشق ما لبث أن استقر وعائلته في دمشق العاصمة وتعلم في مدارسها وأثبت تفوقه في مادة العربي والرسم وحصل على شهادة الثانوية وسجل في كلية الادب العربي ثم تركها.

وعمل كنفاني مدرساً في مدارس اللاجئين في دمشق ثم سافر إلى الكويت ليعمل مدرساً في “المعارف الكويتية” بعد سفر أخيه وأخته قبله، هذه المرحلة كان لها تأثير كبير في حياة كنفاني الأدبية فانكب على القراءة بنهم شديد حسب قوله، وعمل محرراً في أحد الصحف وكتب تعليقات سياسية بعنوان “أبو العز”، ونشر في الكويت أول قصصه القصيرة بعنوان “القميص المسروق”.

وانتقل كنفاني، الذي أصيب بمرض السكري مبكراً، بشكل نهائي إلى بيروت وعمل في مجلة “الحرية” الناطقة باسم الجبهة الشعبية وكان رئيس تحرير قسمها الثقافي، ثم أصبح رئيساً لتحرير جريدة “المحرر” اللبنانية وأصدر ملحقاً لها بعنوان “ملحق فلسطين”.

وعمل كنفاني في جريدة الأنوار اللبنانية، وما لبث أن أصدر جريدة تابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين باسم “مجلة الهدف” وكان رئيساً للتحرير فيها وأصبح ناطقاً رسمياً باسم الجبهة وكرس كل حياته وأدبه لقضيته وهو الذي قال “ليس المهم أن يموت الأنسان قبل أن يحقق فكرته النبيلة بل المهم أن يجد لنفسه فكرة نبيلة قبل أن يموت”.

وفي عام 1961 سافر كنفاني إلى يوغوسلافيا ليحضر مؤتمراً طلابياً مع الوفد الفلسطيني المشارك، وهناك تعرف إلى إحدى الأعضاء في الوفد الدانمركي، التي لحقت بغسان إلى بيروت بعد أن أبدت اهتماما كبيرا بالقضية الفلسطينية بسبب حماسة واندفاع كنفاني في كلامه عنها، السيدة “آني هوفر” أصبحت زوجة لغسان كنفاني في 19 من شهر تشرين الاول عام 1961 وأنجبا فايز وليلي.

وبرزت في حياة غسان كنفاني قصة حب مع الأديبة السورية غادة السمان، على الرغم من استقرار حياته الزوجية أنذاك، وتبادلا الرسائل فيما بينهما على مدار عدة سنوات، وفي ذكرى استشهاده في 1992 أصدرت غادة السمان كتابا بعنوان “رسائل غسان كنفاني إلى غادة السمان” وحاز على تقدير كبير.

وفي صباح يوم السبت في الثامن من تموز من عام 1972 في منطقة مار تقلا في بيروت العاصمة اللبنانية انفجرت عبوة ناسفة وضعها عملاء “الموساد”في سيارة مركونة تحت أحد الأبنية استشهد على أثرها أحد أعظم ما أنتجته أرض فلسطين المحتلة الروائي والصحفي والقاص والثائر الفلسطيني “غسان كنفاني” مع ابنة أخته لميس نجم.

“عائد إلى حيفا” و “رجال الشمس” و “أرض البرتقال الحزين” و موت سرير رقم 12″ و “شعراء الأرض المحتلة” و دراسة أدبية بعنوان “في الأدب الصهيوني” وغيرها الكثير من مؤلفات أثرت في نهاية الستينات وبداية السبعينات في كل من اعتنق فلسطين كقضية محقة وساهم هذا الانتاج، الذي جمع بعد استشهاده في أربعة مجلدات، بتسمية كنفاني بـ”اديب القضية” وبقي انتاجه صامداً وحياً إلى يومنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى