ع البال

طقوس الزواج عند الحلبية.. الحلقة الرابعة: حفلة العرس والتلبيسة

استعرضنا في الحلقات السابقة مراحل انتقاء العروس والخطبة وفصل الحق وكتب الكتيب وحفلتي مد الجهيز والحنة، وسنستعرض في هذه الحلقة طقوس يوم العرس من بدايته صباحاً حتى وصول موكب العريس الى حفل الهرس.

يوم وليلة العرس بالنسبة للعروس
تختلي أم العروس يوم العرس مع ابنتها لتحكي لها عن اسرار ليلة الدخلة، ثم تذهب النساء إلى حمام السوق لتغسل قيمة الحمام (تسمى المشرفة على الحمام ” القيمة”) العروس سبع مرات وتضع على شعر رأسها “بيلون الورد ” وهو بيلون خاص ذو رائحة عطرية، ويُنظف جسد العروس بعدما يكسى بالكامل بالاعشاب والمستحضرات الطيبة الرائحة.

وتعود العروس لبيت أهلها لتقوم سيدة مختصة “الماشطة” بتصفيف شعرها وتضميخه بالعطور وتزين وجهها بالكحلة والحمرة والبودرة وهي تقول لها عبارات مديح مثل: (قربان هالوچ، يما يسلم لي هالجبين، يخزي العين عن عيونك، وما شا الله وميت ما شاء الله على حسنك وجمالك، وألله هوّه يحرسك ويحميكي والسعد يخدمك، إيه يا رب يا محبب القلوب ).

وتبدأ الحفلة بما يسمى “الوداعة” حيث يقوم أباها وأعمامها وأخوتها بتوديعها وتبقى عندها قريباتها وصديقاتها لإجراء احتفال صغير لتوديعها وتقوم الفتيات العازبات بالدوس على قدم العروس تفاؤلاً منهن بأن يكون دورهن هو القادم بالزواج.

إما أن تكون حفلة عرس النساء في صالة خاصة تسمى القهوة وأشهرها كانت قهوة البرتقال يلفظها (الحلبيون قهوة البرتقان )، أو تكون الحفلة في بيت العريس.

وتحضر قريبات العريس لمنزل العروس مساءً ليصحبنها إلى منزل العريس (إن كانت حفلة العرس في منزله)، تصاحبهن الزغاريد.

ويجب أن تتم العادة التي تسمى ” النشلة ” وهي ان تختطف احدى قريبات العريس شيء ثمين (عادة تكون مزهرية او ما يسميه الحلبيون صمدية) من منزل العروس بدون أن يشعروا أو بتغاض منهم لتوضع في بيت العريس بعد عرضها على مرافقاتهن، واعتقد ان هذه العادة لاظهار مدى قيمة الاشياء الموجودة في بيت اهل العروس.

عندما تصل العروس لمدخل بيت عريسها تلزق قطعة عجين على الجدار تسمى ( خميرة النعمة ) في إشارة لالتصاقها الأبدي ببيت زوجها ولإحضار الخير والبركة معها.

وتجلس العروس في غرفة علوية في منزل العريس على كرسي عال لابسة قبقابها العالي ( الشبراوي )، تحيط بها النساء من أهلها ( تسمى الغرفة مربع العروس ) وتسمى جلستها هذه ” الصمدة “.

تبدل العروس عدة اثواب سهرة من جهازها لعدة مرات لاستعراض جهازها وفي الآخر ترتدي ثوب الزفاف الحريري المطرز بخيوط الذهب، وتضع العروس حجاباً من الشاش الزهري، ولا يكون ثوبها ابيض عادة، على خلاف العادات الحالية ( غالبا ما يكون ثوب الزفاق زهري اللون )، ولا تشارك العروس في الرقص، وتُطرق رأسها بخجل.

وتقوم والدتها بتلبيسها مصاغ ذهبي كهدية منها لابنتها كما تقوم اخواتها بذلك و تقوم ايضا والدة العريس ” حماتها” بالباسها مصاغ ذهبي أيضا كهدية الزواج.

التلبيسة
يحضر الحلاق الى منزل يختاره اهل العريس ويكون عائدا لقريب لهم، ليحلق شعر العريس ويبرم له شواربه ويضع له عرق تمر حنة في لفة رأسه، يقوم اصدقاؤه المقربين بإلباسه ملابس حفل العرس ويربطون له الزنار حول ( الرد ) وهو اللباس الرسمي وتتعالى ، اما اصدقائه العزاب فيخزونه بالدبابيس في عادة تشير الى رغبتهم بانتقال عدوى الزواج إليهم.

وخلال هذه الفترة تغنى أغاني التلبيسة ويالهتافات عند إعلان إلباس العريس كل قطعة من لباسه ( عريسنا لبس بنطلونه ) يطرب ويرقص الحضور، وتقدم الضيافة للحضور عبارة عن قهوة مرة وبعض الفواكه والفستق الحلبي وتوزع أراكيل التنباك العجمي لكبار السن ولايجوز للشباب شرب الأراكيل أمام الرجال كبار السن، ولا يجوز لأقرباء العروس حضور هذا الاحتفال.

مسيرة “بسم الله”
يقوم العريس بتقبيل يد أبيه واعمامه وكبار الحضور ويصافح أصدقائه ثم يبدأ المسير باتجاه بيته الذي تتواجد فيه عروسه و تسمى هذه المسيرة مسيرة ” بإسم الله “.

ويقوم صديقه المقرب وغالبا ما يكون ابن عمه ( يسميه الحلبيون سخدوج وهو كالاشبين ) بالسير الى جانبه وخلفه شابين مشهرين سيوفهم كحرس له، وخلفهم ابيه يقرأ اية الكرسي وينفخ على ابنه طلبا لحمايته من العين، وحوله اعمامه واخواله وبقية أصدقائه.

وأمام العريس يصطف على صفين بشكل زوجي الشبان يمشون بهدوء على طرفي الطريق يتقدمهم حملة الفوانيس والمشاعل ويقودهم شخص يلقب ب ” البيشاروش ” الذي يبدأ بالنداء: الله يساوى جوز جوز وجيييه، فيجيبه الجميع : صلوا على محمد الزين الزين مكحول العين واللي يعادينا الله عليه .

وعندما يتباطأ الموكب يصيح البشاروش قائلا : باسم الله يا شباب باسم الله لاستعجالهم، خلفه يسير منشد ذو صوت شجي قائلا مواويل مختلفة منها : (يا أهل السخا تكرمون الضيف بأرضكن وتعاملونا بطيب العيش برضاكن).

ويجب أن يبقى العريس ساكتاً لا يشارك في هذه الاناشيد، وعندما يصل موكب العريس لأمام قهوة الحارة يقوم القهواتي وبيده دلة القهوة المرة والفناجين بصب القهوة لأبو العريس ثم يكسر الفنجان في اشارة لكسر الشر ثم يقدم القهوة للبقية ويأخذ بخشيشا لقاء ذلك.

أما الحارس الليلي للحارة الذي كان الحلبيون يسمونه ( البكجي ) فيضرب الارض بعصاه و يصرخ : “دوس إن الله حق”، وعند الاقتراب من البيت تختلط اناشيد الشباب “بزلاغيط ” النساء المستقبلات، ويبدأ الشباب بإنشاد :ميمتو يا ميمتو واطلعي لاقيلو… واركبي رهوانة ( الفرس التي ترقص في سيرها ) وامشي مقابيلو..

ويصل العريس مع رفاقه الى مدخل بيته تعلوه مظلة من السيوف المتقاطعة ليمر تحتها داخلا داره، لتستقبله قريباته “بالزلاغيط ” ولا يجوز لقريبات العروس اطلاق” الزلاغيط”، وتبدأ قريباته باطلاق الهنهونات التي تبدأها الخوجة قائلة مثلاً :
يا نجمة الصبح فوق الدار علّيتي
شميتي ريحة الحبايب وجيتي وضوّيتي
ندراً عليّ إذا راحوا على بيتي
لاشعل لهم شحم قلبي إذا خلص زيتي

لتتعالى بعدها “الزلاغيط ” ثم تقوم قريبات العريس باطلاق الهنوهونات التي تمدحه مثل:
ايها.. اجا المفلك وفتحلنا الفال‏
ايها ..عريسنا صغير ومزين بالكمال‏
ايها ..والله يطعمه على قد قلبه‏
عروس مكملة وست الجمال‏
فترد عليهم قريبات العروس بالهنونات التي تمدح العروس مثل :
ايها …لبستك اليوم ازداب‏
ايها …ووقفتك على الباب‏
ايها ..عروستنا كويسة وصغيرة‏
وتسلملي ما بترد جواب‏.

ثم يطلق الطرفين الهنونات التي تتمنى لهما الحياة السعيدة وتمدح الطرفين مثل:
ايها ..عصفور عالسجر وبلبل بترغله‏
ايها …اللي بياخد بنات الاصايل الله يسرله‏
ايها ..لاروح لباشا حلب واقول له‏
كل نظرة من عريسنا وعروستنا بتسوى عسكرك كله‏

ويعلن البيشاروش على الملأ من الرجال أن صبحية العريس غداً في حمام السوق الفلاني، لينصرف الرجال.

 

المحامي علاء السيد – تلفزيون الخبر 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى