موجوعين

الحكومات السابقة و المستغلين ” مرمروا ” حمضيات الساحل .. فمن ” يحليها ” اليوم ؟

خلال سنوات الحرب الستة الماضية عانى القطاع الزراعي في سوريا من مشكلات وازمات كثيرة نتيجة ما تتعرض له البلاد ، سواء من ضعف الإنتاج وقلة اليد العاملة في القطاع ، فضلا عن هجرة ونزوح عدد كبير من أهالي المناطق الزراعية التي كانت تعد الخزان الاقتصادي للبلاد، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل .

إلا أن اللافت خلال السنوات الثلاث الماضية، ما ألمّ بمزارعي الحمضيات في منطقة الساحل السوري بمحافظتي اللاذقية وطرطوس ومدنها من ضرر، سواء نتيجة عوامل الطبيعة من انخفاض درجات الحرارة أو الصقيع والأمطار الغزيرة، أو نتيجة عدم تمكن المزارعين من تسويق الإنتاج في ظل زيادته عن حاجة المدن الساحلية، بغض النظر عن تكاليفه المرتفعة.

وبالصدفة ، يا سبحان الله ، بالصدفة، كان المستفيد الوحيد من إهمال الحكومة بعدم تسويق الحمضيات هو جهة خاصة واحدة ، تشتري المحصول بـ ” تراب المصاري ” بعد أن يتحول إلى ” عضمة كلب ” .

وككل عام خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من الموسم ، تبقى مسألة تسويق محصول الحمضيات الشغل الشاغل لمزارعيه، ولا سيما نتيجة الانخفاض الكبير في أسعاره مقارنة مع تكلفة الإنتاج، التي تزيد بضعفين عن سعر كل كيلو غرام من المحصول، ما يجعل المزارع دائما الخاسر الوحيد في أطراف عملية التسويق .

وقال أحد مزارعي الحمضيات في مدينة اللاذقية لتلفزيون الخبر “منذ 3 أعوام ونحن على هذا الحال، نعمل طيلة أيام السنة وعند بدء القطاف نكون قد دفعنا ضعفي مردود المبيع ، فكل الأسعار حلقت باستثناء سعر البرتقال”.

وأضاف المزارع” حاليا سعر البيضة الواحدة يعادل سعر ثلاثة كيلو غرامات من البرتقال التي يتقاضاه المزارع، فضلا عن أن تكلفة كل كيلو حتى يصل إلى السوق تساوي ضعفي شرائه من الفلاح أيضا، إلا أن التاجر يحمي نفسه دائما ، فهو المتحكم بقيمة الشراء من المزارع “باعتبار ما في سوق”.

وتعليقا على تحديد سعر شراء الحمضيات الذي أقرته وزارة الزراعة بأنها حددت سعر مبيع الكيلو غرام الواحد من الحمضيات بـ 50 ليرة، قال” هذه حبوب مسكنات للمزارعين منذ شهر ونحن نسمع التصريحات وتعقد الاجتماعات وكلها مثل بالونات الهواء تطير مع أول ريح ، حتى الآن لم نجد شيئا على أرض الواقع، نبيع الكيلو بـ20 ليرة “.

وأضاف “أصناف عدة نضجت ومنها من بات مهدد بالتلف نتيجة قلة التسويق وحتى الآن لم تعطنا اجتماعات الحكومة وتصريحات الوزراء أي نتيجة ، ما يظهر غياب خطة حكومية لتسويق الفائض من الإنتاج”.

وتابع” المزارعون لا يستطيعون تسويق محاصيلهم ، ولابد من عمل جاد من قبل الحكومة لا أن تترك المزارعين لقمة سائغة أمام التجار الذين يتحكمون بالسعر وفق ما يدفعون وبالتالي نبقى نحن المزارعين الحلقة الأضعف في العملية كلها”.

وأشار مزارع آخر في حديثه لتلفزيون الخبر “ هناك مزارعين كثر عزفوا عن الاهتمام ببساتينهم منذ العام الماضي نتيجة الخسائر التي أصابتهم لموسمين سابقين ،وذلك لأن الحكومة أدارت ظهرها لهم ، وعدتهم بالتصدير ، إلا أن كميات قليلة جدا تم تسويقها ، استبشرنا خيرا بقرية الصادرات ، إلا أن عملها تجاه الحمضيات بقي محدودا “.

وأضاف المزارع “حاليا تكلفة كل كيلو غرام حتى يصل إلى السوق من نقل وأجور عمال للقطاف وسعر شرائح البلاستيك أو الصناديق للتوضيب، تصل إلى نحو 30 إلى 40 ليرة للكيلو ويباع بنحو 70 إلى 80 ليرة حسب جودة المنتج ، وبالتالي فإن المزارع يكون قد قبض ثمن الكيلو ما بين 20 إلى 30 ليرة سورية”.

وتابع ” الـ30 ليرة التي قبضها المزارع لا تغطي نفقاته من ثمن سماد وأجور حراثة و مبيدات و تعشيب وغيرها مما يحتاجه البستان حتى يصل إلى القطاف ، لذلك على الدولة أن تكون أكثر جدية في تعاملها مع مزارعي الحمضيات الذين بدأوا بالتوجه للعمل في مجالات أخرى تؤمن معيشتهم وأسرهم”.

وأوضح مزارع ثالث ” على الدولة أن تعمل على إنشاء معامل للعصائر تكون تبعيتها لها وليست ملك خاص، فالمعامل الخاصة لصنع العصائر الموجودة في الساحل ، وهي معروفة للجميع ، تؤثر سلبا على عملية التسويق ولاسيما عبر تخفيض سعر الموز في مثل هذا الوقت من كل عام ، وبالتالي ينخفض سعر البرتقال ، والمواطن بطبيعة الحال يشتري الموز، ما يجعل أصحاب المعمل يشترون ما يحتاجونه من كميات للتصنيع بالسعر الذي يناسبهم”.

وأوضح المزارع ” بعد أن يتمكن أصحاب المعامل من شراء الكميات التي يحتاجونها تعود أسعار الموز للتحليق ، وهذه العملية تستمر نحو شهرين ، ومعظم الأصناف الموجودة باكورية أي أنها تنضج خلال شهري كانون ” مشيرا، إلى أنه في الوقت الحالي انخفض سعر كيلو الموز إلى 450 و 500 ليرة سورية.

وأشار إلى أن المزارع يثق بالدولة، ووجود معامل لها، يضمن تحديد سعر مناسب من قبل الوزارة المعنية بحيث يضمن حقوق المزارع، أو أن تقوم بالعمل على إيجاد ألية لتسويق الحمضيات إلى باقي المحافظات ولا سيما بعد عودة الأمن إلى معظم الطرق الرئيسية في البلاد، أو بالتصدير الخارجي”.

وقال مدير الزراعة في اللاذقية الدكتور منذر خيربك في اتصال هاتفي مع تلفزيون الخبر، إن المديرية تساهم في عملية الإنتاج حتى يصل إلى باب المزرعة، وعملنا التسويقي ينحصر في إعطاء المصدرين أو التجار كميات الإنتاج و نسبة الحلاوة والحموضة وأوقات النضج لكل نوع وجودتها ونوعية الأصناف”.

وأضاف خيربك أن “انتاج الحمضيات للعام الحالي في الساحل السوري يقدر بنحو مليون ومئة ألف طن، منها حوالي 700 ألف طن فائض عن الاستهلاك، وفق التوقعات”.

وكانت مؤسسة الخزن والتسويق تعهدت خلال آخر اجتماع تحضيري تم بإشراف مديرية الزراعة بتسويق 100 ألف طن بعد تأمين اللوجستيات اللازمة من أسطول سيارات، محليا ضمن المحافظات.

يشار إلى أن مسؤولية تسويق الحمضيات لا تقتصر على مؤسسة أو وزارة بعينها، ومسؤولية تسويقه تقع على عاتق وزارة التجارة والاقتصاد والصناعة واتحاد المصدرين ، حيث يكاد المنتج الوحيد في سنوات الحرب الذي يمكن أن يعود بالقطع الأجنبي على اقتصاد البلاد، وذلك عبر تصديره .

وحتى تأخذ التصريحات والاجتماعات الحكومية قرارات وإجراءات تنفيذية على الأرض يبقى المزارع منتظرا كرم السماء، وخوفا من بدء موسم الأمطار وانخفاض درجات الحرارة التي تهدد محصوله بالتلف الكلي كما العامين الماضيين.

شذى بدّور _ تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى