رياضة

الإلتراس في ايطاليا بين العداوة و حرب الطبقية والسياسة

 

الجماهير الإيطالية تعتبر على اختلافها وسمعتها السيئة من الأجمل والأكثر خصوصية في العالم، فهي التي اشتهرت كثيراً بالإلتراس التي ظهرت في أوائل السبعينات واشتهرت مجموعاتها آنذاك بالتجمع في “الكورفا”.

“الكورفا” وهي مكان الجلوس الأكثر شعبية في الملعب والسبب أنها مليئة بمشجعين منتميين إلى الطبقة الفقيرة والمتوسطة، حيث أن الطبقية كانت ولا تزال موجودة في هذا البلد فنرى أندية للأغنياء وأخرى للفقراء، أندية لأبناء المدن وأخرى لأبناء الضواحي وهكذا، وهو ما ساهم في صنع الاختلاف بين “إلتراس” الفرق.

ولدت “الإلتراس” في إيطاليا أوائل السبعينات في القرن الماضي، و كانت متأثرة بطريقة التشجيع الإنكليزية أو ما يُعرف بـ”الهوليغانيزم” وخاصة بأنصار مانشستر يونايتد وليفربول، حيث أن جمهورا هذين الناديين يُضرب المثل بهما وبعداوتهما والمشاكل تصدر عنهم أينما ذهبوا.

وساهمت “الإلتراس” في تغيير أسلوب التشجيع فرفعت ما يُسمى في عالم التشجيع الجديد “الباشات” التي تحمل عبارات خاصة تعبر عن الانتماء علاوة على استعمال كلمات مغايرة في الأغاني التي تُقدمها للفريق، ومع ظهور هذه “الإلتراس” تغيرت عقلية المشجع الإيطالي الذي أضحى يُنعب بـ”التيفوزي”.

هذه الطريقة في التشجيع أدت إلى حضور قوي للمجموعات سواء في المباريات داخل مدينتهم أو خارجها من خلال تنظيم تنقلات كبيرة لجماهير النادي.

وبما أن إيطاليا كانت تعاني من قمع ومشاكل داخلية فإنهم وجدوا في تداول هذا الأسلوب بطريقة جديدة للتنفيس عن مشاكلهم اليومية.

ومن أبرز أنواع “الإلتراس” الموجودة في هذا البلد:

– “سان بويز” أصابة ديدا بـ”فيميجان” فخسرت 25 عضواً:
عرفت ميلانو الكثير من أحداث الشغب بين “إلتراس” ميلان والإنتر والتي كانت دوماً تصدر من الأخيرة، بما أنها تسير بفكر المتسيد كونهم الطبقة البورجوازية في ميلانو.

وفي أهم الأحداث كانت “إلتراس سان بويز” أشعلت فتيل حرب على “سان سيرو” سنة 2005 حين قامت المجموعات التابعة لها بإلهاب الملعب بما يُسمى بـ”الفيميجان”، إذ أصابة “ديدا” بإحداها فسبب ذلك أعمال عنف كبيرة بين جمهور الفريقين خارج الملعب، ليكون رد الميلانيين قاسياً.

وأشارت الأخبار يومها أن حوالي 25 من أنصار الإنتير قد أصيبوا على يد الميلانيين وتم نقلهم على جناح السرعة إلى المستشفيات.

– “إلترا كوموندوس” لا تعرف إلا ميلان، ولم يسلم منها حتى أنصار الريال وأجاكس:
وعلى غرار “بريغات روزونيري” فإن ميلان يضم في مدرجاته مجموعة “إلترا” تعتبر من المجموعات المتعصبة جداً ضد من يدعون العنصرية والانتماء إلى الفكر البورجوازي، الفاشي أو غيره سواء داخل إيطاليا أو خارجها.

هذه المجموعة التي تعرف بإسم “نمور الكوموندوس” التي تأسست سنة 1967 لتكون بذلك من أقدم الإلترات في ميلانو، هذه المجموعة لا يُعرف عنها التسامح ودائماً ما تدخل في صراعات مع أنصار الغريم التقليدي أو لازيو، وحتى أنصار أجاكس، ريال مدريد وباريس سان جيرمان من الخارج.

– “فايكينغ” عدوة قطبا ميلانو لأسباب سياسية نمتها سرقة “الباش”:
وعلى غرار العداوة المحلية بين الميلانيين و”الإنتيريستا” فإن كلاهما يعتبران من أشد المعادين لإلترا “فايكينغ” التابعة لجوفنتوس، فرغم أن الأخيرة تسير بفكر “انتي فاشيستا” كما يُعرف في “الموفمو إلترا” المتشبعة بالرسائل السياسية فإن العداوة مع إلترا “فوصا ديل ليوني” المنحلة سنة 2005 كانت بسبب سرقة أبناء تورينو لـ”باش” المجموعة المذكورة.

حيث أن المباريات بين جوفنتوس وميلان كانت دائماً تحكمها العصبية بعد هذه الحادثة، وهو ما لم يُغيره زوال “فوصا ديل ليوني” حيث أن “بريغات” هي الأخرى بقيت معادية لفريق مدينة الصناعة لأسباب تنافسية بحتة.

– “فايكينغ” أسسها ميلانيين خانوا الإنتير وميلان وانضموا لجوفنتوس:
إلترا “فايكينغ” كانت من تأسيس ميلاني، أي أن مؤسسيها هم أبناء عاصمة الموضة الذين أرادوا الخروج عن قاعدة تشجيع أحد قطبا المدينة فأسسوا المجموعة سنة 1985 لتبدأ في التحرك والعمل من مدرجات فيلاديلفيا لملعب “الكومينال” القديم.

وهكذا بدأت “الفايكينغ”، بعد أن عاشت مع “اليوفي” العديد من الأحداث المؤلمة على غرار تحطم مدرج “بروكسل “عليهم، في الاستيلاء شيئاً فشيئاً على المدرج الجنوبي بملعب الفريق في تورينو فأظهرت للعالم أنها من رواد التشجيع لكن عنفها الزائد أحدث تقسيمات فيها لاحقاً.

– “ثيران تورينو” نقطة سوداء في تاريخ جمهور اليوفي:
من العداوة الوطنية إلى العداوة المحلية الآن، يتعلق الأمر بالعداوة في تورينو بين إلتراس جوفنتوس والفريق الثاني للمدينة،
المعروف أن أحد أكثر المواجهات الدامية بين الجماهير تلك التي تجمع بين جمهورا الفريقين، وذلك يرجع إلى أيام سالفة حين كان تورينو هو المتسيد في إيطاليا ومنه ظهرت العداوة بين أنصاره وأنصار جوفنتوس الغني عن أي تعريف.

– روما.. عاصمة العداء الكروي بخلفيات المافيا والسياسة”:
هذه المدينة جمعت كل شيء فكانت مدينة، للحضارة، الدين، الأساطير، الحب، المافيا، السياسة، الذل، الرقي وكرة القدم فلها من النوادي اسمين كبيرين جماهيريا ومعروفان على الصعيد الدولي في ديربي المدينة الذي يبقى أحد أكبر الداربيات في العالم، ذلك الذي يجمع بين روما ولاتسيو.

هذا الديربي يعرف عنه أنه ينتهي دوما بأحداث مؤسفة للكرة الإيطالية كنتيجة للتعصب بين إلترات الفريقين ممثلة في إلترا “كوماندو إلترا كورفا سود” التابعة ل”الجيالوروسي” و”إيريدو تشيبيلي” التابعة لنسور العاصمة.

– “إيريدو شبيلي” لاتسيو فوق الجميع وكره شديد لروما واليهود:
العلامة الأفضل في التشجيع تعود لنسور لاتسيو كونهم الأكثر وفاء وتعصبا، وكأمثلة عن حديث التضامن سنذكر ما فعله أنصار لاتسيو روما في أكثر من مناسبة برفع أعلام فلسطين والمطالبة بتحريره من “اسرائيل” الذين يعتبرون من أكثر أعداء الفاشية والنازية اللتان تجسدان معنى الأخوة السياسية في النهضة الأوروبية سنوات الحرب العالمية الثانية، والكل يعرف هتلر وموسولني الذي تبنى نادي لاتسيو.

– “غرانديناتا”.. وفاء لجنوى وكره لا متناهي لميلان وسامبدوريا:
مدينة جنوى وعلى غرار ميلانو، تورينو روما من أكبر المدن تعلقاً بهذه الثقافة التشجيعية، وبما أنها تضم ناديين معروفين على الساحة الإيطالية يتعلق الأمر بجنوى وسامبدوريا فإن الشغب والعداء لابد أن يولد.

المعروف أن أنصار نادي جنوى هم الأكثر حركية وضجيجاً ممثلين في إلترا “غرانديناتا” التي لها صداقات كثيرة مع أنصار الجنوب لتكون عداوتها الأكبر على غرار سامبدوريا تلك التي تجمعها بميلان، وذلك منذ أن قتل أحد “الميلانيستا” من مجموعة “فوسا دي ليوني” في جنوىسنة 1996 على يد أنصار جنوة.

-إلتراس أتلانتا تطالب بالاستقلال عن إيطاليا وتعادي كل الإيطاليين:
أتلانتا هو النادي الوحيد في إيطاليا الذي يتكون أنصاره من طبقة المعادين لإيطاليا ككل لتكون مجموعة “بريغات نيرو أزوري” وهي الأكثر مطالبة بإستقلال الشمال عن إيطاليا، وأصبحت هذه النزعة الانفصالية هي المطلب الأول لهذه الجماهير في الملاعب على الدوام، ومن أكثر أعداء هذه المجموعة الإلتراس التابعة لميلان والإنتر، بريشيا، روما وفيرونا.

– أنصار “باري” محبوبو الشماليين وأعداء كل من ينتمي للجنوب:
يضم باري مجموعة إلترا تعرف بإسم “إلترا كورفا سود” وهي تعتبر معادية لكل فرق الجنوب دون استثناء وخاصة أنصار فريق نابولي، ليتشي، باليرمو وكاتانيا، لكنهم على صداقات جيدة مع أنصار الشمال الإيطالي كأنصار قطبي مدينة ميلانو، هؤلاء يعرف عنهم التحضر كما هو حال الشماليين فيما ينبذون كل العنصرية والتفكير الرجعي لأنصار الجنوب كما يدعون.

– “كورفا فيسيولي” تبني عداوتها على حب “الفيولا” والانتماء الجغرافي:
أنصار فيورنتينا تمثلهم إلترا “كورفا فييسولي” التي انحلت إلى “كورفا سيستام” و”كورفا ماريوني”،و يعتبرون من الأكثر تعصباً.
ورغم صداقاتهم مع أنصار تورينو وفيرونا، فإن لهم عداوات كثيرة أبرزها مع فريقا ميلانو روما وجوفنتوس على وجه الخصوص وذلك لطبيعة الديربي الذي يجمع الفريق الفلورنسي ونادي مدينة تورينو، هذا علاوة على العداوة البغيضة بينهم وبين أنصار سيينا الذي كان ينشط في نفس ملعب “الفيولا”.

– “إلتراس” نابولي تختطف قطاراً لروما كرها في أبناء العاصمة:
جمهور نادي نابولي من أكثر الجماهير الإيطالية عداءاً للشماليين، بل وإنه من أكثرها تعصباً ومن كثرة كرههم لجماهير الشمال وكل ما يتعلق بهذه المنطقة.

إلترا “نابولي” قامت في أحد المباريات باختطاف قطار تابع لروما وذلك حين تنقلت بالآلاف إلى العاصمة لمساندة فريقها.

لكن ما يُعاب على مجموعات الإلترا التابعة لنابولي هو عدم حضورها الدائم بقوة إلى الملعب خاصة في أيام الحر الذي يُميز الجنوب الإيطالي.

– جمهور باليرمو لا يعترف إلا بالعنف الصقلي ومافيا الملاعب:
جمهورآخر يحمل معاني كبيرة تتعلق بالعنف في تشجيعه، حيث أن باليرمو له عداوات كثيرة ولا يعترف بما يُسمى بالصداقة بين المجموعات ومن أشهر أعدائه جمهورا نابولي وكاتانيا وكل الشماليين.

هذا الجمهور معروف عنه العنف الزائد في صقلية كيف لا وهو الذي يُجسد عقلية المافيا الإيطالية التي عرفت نموها في هذه المنطقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى