موجوعين

أب سوري يعترف علناً على فيسبوك “ أنا مزور .. لقد زورت أوراق وفاة ابني “

يعرف السوريون جيداً معنى معاملات الدولة ودوائر الدولة وصعوبة الحصول على أوراق هي بالأساس يجب أن تكون سهلة التحصيل والوصول إليها، وكثيراً ما يضطر مواطنون لسلوك طرق للالتفاف على البيروقراطية والاهمال والاستهتار، ولكن في السويداء ظهر من قال وعلناً أنه زور أوراقًا رسمية، ليوفي ابنه.

وكتب المواطن عهد مراد من سكان مدينة السويداء على صفحته على “فيسبوك”، وبكل بساطة وجرأة أنه ” أنا عهد مراد أعلن وأنا بكامل أهليتي القانونية أنني زورت أوراق”، ولكن الملفت في قضية عهد أنه حاز على تعاطف الجميع.

وقال عهد لتلفزيون الخبر أنه قام بتزوير أوراق رسمية تبين تاريخ وفاة ابنه، كريم، ذو الستة أشهر، وغير تاريخ وفاته من 23 أيلول 2015 إلى 29 آذار 2017، والذي توفي بسبب “الإهمال والاستهتار الطبي في المشفى الوطني “، في حادثة اعتبرها عهد قضاءًا وقدراً، ولكن ما تلاها واضطره للتزوير هو ما حز بنفسه.

وأضاف عهد “بعد وفاة ابني ذهبت للمشفى وطلبت إضبارة ابني وورقة تثبت وفاته لأسجل ذلك في دائرة النفوس، ولكن لم يعترف أحد بالإضبارة، فقسم الأطفال رمى الكرة بملعب العناية المشددة والأخيرة أعادتها لقسم الأطفال، والنتيجة كانت أن المشفى هو من سيراسل دائرة النفوس لتسجيل الواقعة”.

وتابع الأب المكلوم بابنه “كلما أردت التأكد من أن كريم لا زال على قيد الحياة كنت أزور النفوس وأحضر إخراج قيد عائلي، كريم لازال حياً، أسأل لماذا لم يمت الطفل بعد، فتكون الاجابة بأن المشفى لم يرسل اخباراً بهذا”.

وأكمل الأب “عدنا للمشفى، الإضبارة غير موجودة، للولد دخول وليس له خروج”، ولم يقف الأمر هنا ، وأضاف الأب “مدير المشفى يسخف الموقف ويقول “ورقة من عند المختار تكفي لتسجيل وفاته” ويتهمنا بأننا نعقد المواضيع، ورئيس قسم الأطفال يغضب ويتعجرف لمجرد سؤالنا على مبدأ “أنا مادخلني” فأنا أخطط الآن لأصبح مديراً للصحة وقضاياكم قد تعرقل من ذلك، ابنكم مات في العناية المشددة”.

وظل الأب في “الدويخة” التي أضاف عنها “أحتاج لورقة تثبت وفاة ولدي، ولا أريد أن أكون مزوراً، الفكرة أنه من حقي ألا أزور ورقة ولا أخرج عن القانون، سألنا في دائرة النفوس عن الحل تهكموا على سلمنا المحمول بالعرض وقالوا أن هذا يحدث دائماً!”.

وتابع الأب عن “الدويخة”، قالوا في النفوس “الحل سهل، ورقة من مختار القرية أو من طبيب يقول أن الولد مات”، وأردف “لكن المختار لم ير الجثة والطفل مات في المشفى ألا ينبغي أن يشهد المشفى بذلك؟ والمشفى أضاع الإضبارة ابحث عن حل آخر”.

وخلص عهد أخيراً وبعد “الدويخة” التي وضعه بها المشفى والنفوس والمختار إلى تزوير أوراق وفاة ابنه كريم، بعد أن جرب أن يطرح، وهو الصحفي، الموضوع على الإعلام كونه تكرر غير مرة، ولكن، وحسب تعبيره ” تواصلت مع بعض الزملاء الاعلامين الذين أعمل في مجالهم تحت اسم مستعار منذ زمن وتفاديت التلفزيون السوري لأن صديقي رئيس مركز السويداء ربما سيتهمني بالسخف لأني أحرك هذا الموضوع وهو الذي لطالما شعر بأن سعي الشخص وراء حقه سخف”.

وطالب عهد مراد عبر صفحته على “فيسبوك” بمحاسبته قائلاً “أرجو من المحكمة محاسبتي على التزوير وقولي أن الولد لم يدخل المشفى، وأرجو كذلك تنصيب غسان الحسين مديراً للصحة والاهتمام بكرش فندي جمول ما استطعتم وأرجو أيضاً أن تحافظوا على اسم وليد حمزة كطبيب أطفال مهم”.

وختم الأب كلامه بالقول “أما أنا فمزوّر خارج عن القانون، القانون الذي لايطبق إلا على من يشعر بالذل لأن أولئك الذين لايشعرون بالذل هم المعول عليهم في حماية هذه المنظومة البائسة، أما أنا فلازلت أشعر بالذل ياسادة وأعتقد أن الشعور بالذل نعمة لايعرفها التماسيح”.

يذكر أن الفساد كان أحد أهم الاسباب التي ساهمت في إذكاء الحرب في سوريا ، فلا زال من لم ينقلب على السلطة من الفاسدين والمتنفذين ، والتماسيح التي احتج عليها الأب المكلوم ، يمارس هوايته في هدم المجتمع السوري من الداخل ، في جبهة أخرى من جبهات الحرب.

علاء خطيب – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى