فلاش

مقهى هيشون .. آخر الناجين بين مقاهي اللاذقية الثقافية

“ المدينة التي حوّلتها المقاهي إلى مطبخ “ هذا ما وصف به أحد الشبان مدينة اللاذقية، لكثرة المقاهي بداخلها حتى تكاد تلتصق ببعضها البعض، و في هذه المدينة يقف مقهى هيشون الثقافي كآخر الناجين، ليؤكد على ذاكرة المدينة الثقافية القديمة.

ورغم شهرة مدينة اللاذقية بمقاهيها الثقافية والتي بقيت حتى سنوات قريبة، وقبل نشوب الحرب في سوريا، تمارس عملها الثقافي، وشكلت في تلك الفترة بديلاً ثقافياً عن المراكز الثقافية في المدينة التي بقي دورها ضعيفاً وغير واضح على الأرض، تختلف الصورة اليوم، ويتقلص عدد هذه المقاهي، ويبقى منها من استطاع الاستمرار.

مقهى هيشون الثقافي، تجربة مستمرة وراسخة استطاعت أن تنافس المقاهي الجديدة، وحافظت على زوراها وروادها من الكتاب والشعراء ومحبي الأدب والفن بمختلف أشكاله.

يروي صاحب مقهى هيشون الثقافي أحمد موسى لتلفزيون الخبر كيف استطاع المقهى أن يستمر منذ العام 2006 إلى الآن، ويقول “يعود نجاح مقهى هيشون لتأكيده على الهوية الثقافية التي تميز بها السوري، وخصوصية الفكرة التي تقدم فن حقيقي غير مبتذل قريب إلى عقول الناس بمختلف شرائحهم”.

ويوضح “استطاع مقهى هيشون أن يلعب دوراً مهماً في حياة الكتاب والشعراء والفنانين في مدينة اللاذقية، وبقى مكاناً محبباً إلى قلوبهم، يجمعهم ليس فقط على طاولة واحدة أو لمجرد التسلية، إنما يجمعهم على أفكار حقيقة استطاعت أن تتحول إلى أعمال فنية وعرضت في مقهى هيشون الثقافي”.

وعن تسمية المقهى بـ هيشون يشرح صاحب المقهى “منذ السنوات الأولى للافتتاح كان يسمى السرداب، وبعد عدة سنوات سميته هيشون نسبة إلى الفنان السوري هيشون (عيسى بعجانو) الفنان الصديق والمحب وأحد رواد المقهى، الذي استمر بزيارة المقهى إلى أن توفي في العام 2011”.

ويضيف “تخصص مقهى هيشون بالفن التشكيلي، وتحوّل إلى معرض مجاني لأي فنان تشكيلي سوري يوّد أن يعرض لوحاته بداخله، وقدّم مقهى هيشون حائطاً دافئاً لكل فنان سوري يحتاج لمساحة صغيرة لعرض أعماله الفنية والتعبير عن أفكاره”.

وعن النشاطات الثقافية في مقهى هيشون قال “يقدم مقهى هيشون إضافة إلى عرض لوحات فنية تشكيلية، أمسيات موسيقية، تجمع بين الشباب السوري المثقف وشريحة الكتاب والأدباء والفنانين، ويعرض مقهى هيشون أي منحوتة سورية لأي فنان سوري، ويمكن لأي منحوتة سورية أن تجد زاوية جميلة لها في مقهى هيشون”.

ويكمل “استضاف مقهى هيشون عدد كبير من الفنانين التشكيليين، ومنهم الفنان والأسير الفلسطيني محمد الركوعي، والفنان التشكيلي أنور الرحبي، والفنان طلال معلا، والفنانة ليلى نصير وغيرهم كثر من الفنانين السوريين، ورغم ان معظم المقاهي الثقافية لا تقدم الشيشة والأركيلة، إلا أن مقهى هيشون يقدم الأركيلة بناءً على طلب الرواد”.

ويقول يزن ، طبيب أسنان ، لتلفزيون الخبر ”هيشون أصبح نمط حياة، ولم يعد مجرد مقهى، لانه يجمع الشعراء والآدباء والفنانين، ويمكن للمرء أن يجد في مقهى هيشون أناس جدد وأفكار جديدة مبدعة، لا توفرها باقي المقاهي في المدينة”.

بينما يقول علي سلمان ، طبيب بشري “رغم عدم تواجدي المستمر في اللاذقية، إلا أنني عندما أزورها يجب أن أزور مقهى هيشون، والتقي بالأصدقاء، واستمع إلى الموسيقى الجميلة التي تكّمل جمال المكان، وتعطي الرواد إحساساً بالألفة والمحبة والرقي الثقافي والفكري”.

وعرف العرب المقاهي الأدبية منذ عام 1750، حيث انتشر فيها شرب القهوة وأصبحت فيما بعد ملتقى الأكابر، وانتقل إليها الحكواتي، والمقهى الأدبي ، من ناحيته ، حافظ على ترابط الأجيال وكان منبراً لكل الأفكار حيث رصد جميع الأحداث والتحولات السياسية التي مر بها الوطن العربي.

وبقي مقهى هيشون مع عدد قليل من المقاهي الثقافية في اللاذقية، مستمراً ومقاوماً لظروف الحرب، ليقدم عروض الفنانين السورين، ويفسح لهم المجال والفرصة لعرض إبداعهم، ومنها من توقف عن العمل الثقافي كمقهى ناي و مقهى قصيدة نثر، و منها من حافظ على اسمه رغم تغيّر طابعه كمقهى أوركيسترا.

سهى كامل – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى