موجوعين

الطفلة ديمة التي اختطفتنا في حلب: بكره الدقن ولي بيعملوها

في إحدى الغرف في مخيم جبرين للنازحين في حلب، اقتربت طفلة صغيرة من أحد أفراد فريق تلفزيون الخبر، وهو في جولة ميدانية، متسائلة بإصرار “ليش مطول دقنك؟”.
 
للوهلة الأولى يبدو سؤال الطفلة عبثيا وفقط لـ “الحركشة”، ولكن الطفلة، التي قالت أن اسمها ديمة، عادت وسألت مرة أخرى بإصرار أكبر”ليش مطولا لدقنك”، وأضافت “مالا حلوة هيك”.
 
سؤال ديمة جعل فريق تلفزيون الخبر يوقف ما كان يعمل عليه قليلا، ليتوقف مطولا لدى الطفلة المصرة على الإجابة، وعدم مغادرة الفريق حتى تحصل على الإجابة المرضية لفضولها، الصغيرة لحقت بالفريق بعيدا عن الغرفتين اللتين تعيش فيهما مع عائلتها وعائلة أحد أقربائها، ووقفت منتظرة ردا.
 
“ليش أنت بتكرهي الدقن؟”، سألنا ديمة ونحن نلتقط لها صورة، فأجابت قائلة وهي تنظر في عيوننا واحداً واحدا “أول شي لانيتا مالا حلوة وتاني شي لانيتا بتبين بتشبهون لهدوليك”، و”هدوليك” إشارة منها للمسلحين الذين يسيطرون على المنطقة التي هربت منها مع عائلتها، والتي عرفنا لاحقا أنها حي السكري.
 
وأضافت ديمة، التي نزح أهلها منذ ما يقارب الأسبوعين من الأحياء الشرقية لحلب، “أنا بكره الدقن لأنو هنن بيعملوها، وهنن مالن مناح، هديك المرة رحت لعندن ع بستان القصر وكان عندن أكل كتير، قلتلن بدي جبنة، وأنا شفت انو في كتير جبنة، قام قلي ابو دقن روحي من هون”.
 
وأكملت الطفلة وهي تكمل تنقيل نظرها بيننا جميعاً “رجعت لعندو وقلتلو إذا بتريد عمو والله مشتهية ع الجبنة، قام دفشني وقلي هي للعناصر على الجبهات”، وتابعت ديمة ضاحكة “ركضت وقلتلو خ** عليك وعلى الجبهات كلها”.
 
ديمة التي قالت أن عمرها سبع سنوات قالت أيضا بكثير من اللامبالاة “ما بدي أدرس، رحت ع المدرسة مرتين” وبعد صفنة قصيرة تابعت “ما حبيتن، وما حبيتا لمدراسهن”، الطفلة كارهة اللحى، تكره المدرسة أيضاً بسبب كرهها للمسلحين الذين أداروا أول مدرسة تعرفت الطفلة عليها.
15942340_1167358120026414_49612249_n
ابنة منطقة السكري في أحياء حلب الشرقية، والتي أكد أهلها أنهم ومنذ مجيئهم لمخيم جبرين حاولوا معها أن تذهب للمدرسة ولكنها لا تزال مصرة على عدم الذهاب للمدرسة في المخيم، ويبدو أن فريقا من فرق الجمعيات الناشطة والمتواجدة بكثرة في المنطقة لم تنجح أو لم تهتم حتى الآن بدعم الطفلة نفسياً وحل مشكلة عزوفها عن الدراسة .
ديمة لم تجب على كثير من أسئلتنا، لكنها طرحت علينا عشرات منها “ليش كلكن حاطين نضارات؟”، “ليش شايل موبايل كبير هيك؟”، “ليش ما بتقلولوا يحلق دقنو؟”، وبانتظار أن تقتنع ديمة بدخول المدرسة وباقناعها أن “الدقن” لا علاقة لها بأمور كثيرة، تظل ديمة تلعب في المخيم مع غيرها من الأطفال، غير عارفة بما يحمله المستقبل لها إن اقتنعت بدخول المدرسة، كما هو مفروض، أو لم تقتنع، وتلعب ببرك من طين في مخيم كتب على بعض جدرانه “مساحات صديقة للطفل”.
 
علاء خطيب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى